Download Kurdish Fonts : Ali-Web - Ali-K-Alwand - Ali-K-Sahifa -Unikurd

HOME

بين قلق عمرو موسى و التردد الكوردي

محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

mohsinjwamir@hotmail.com

طلب الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى من الحكومة العراقية تفسيرا عاجلا لما جاء في مسودة الدستور العراقي الجديد من أن «الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية»، معتبرا ذلك «خطيرا للغاية».

وقال موسى في تصريحات للصحافيين أمس «طلبنا تفسيرا من الحكومة العراقية حول هذا النص الذي سبب الكثير من عدم الارتياح والقلق لدينا». وأشار الامين العام الى أنه أجرى العديد من الاتصالات مع عدد من المسؤولين العرب الذين شاركوه حال القلق الكبير حول النص المشار اليه ومغزاه.

وأكد موسى أن هذا النص «خطير للغاية لأن العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية»، وتساءل «هل يطعن هذا النص في الانتماء العراقي الشامل لهذه المنطقة والعالم العربي؟». وجاء في مسودة الدستور: «العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وهو جزء من العالم الاسلامي والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية».

ما تقدم ذكره، نشر ونقلناهمن موقع " الناس " الألكتروني...

ويبدو من تلكم التصريحات للسيد عمرو موسى إنه كباقي المسؤولين العرب لايزال يعيش في حالة إختلاط الرؤية التي إستبدت بهم قبل غيرهم، وبالتالي أصبح نهارهم كليلهم، وأحلام ليلهم لا تتجاوز حدود " أضغاث أحلام " يبغون فرضها ، ومشاريع لا يريدون لها إلا أن تمرعبر أنفاق العنف وتحدي إرادة الشعوب واجماعها " السيف أصدق أنباء من الكتب ' ...

تلكم الأحلام والسيوف التي ما فتئت تحكم في رقاب الشعوب سواء حكما أو دستورا او منطقا أو تصريحا، وبالتالي لا يمكن أن يصدر قانون أو دستور إلا على مسن " بكسر الميم " السكاكين والرماح ، أو على ظهر الدبابات وعبر فوهات المدافع وقصف الطائرات، اواسكات نداء المعارضين والمعارضات، بزجهم في السجون والمعتقلات، واتهامهم بشق وحدة البلاد، أو بالاكراهوالتهديد... ومن دون العودة إلى أصحاب الشأن والقضية والبحث في مسألتهم بتؤدة وروية..!

لقد تسبب الدستور العراقي للسيد عمرو موسى ولاخوانه" الكثير من عدم الإرتياح والقلق "... لأن إعتبار " الشعب العربي ـ فقط ـ في العراق هو جزء من الامة العربية خطير للغاية "... لاشك أن السيد عمرو يقصد في تصريحه هذا " الكورد " بالذات لأنهم الأكثرية الثانية، وقد أستثنوا من هذا الانتماء العربي إلى الامة..!

يبدو أن عبارة ' وهو ـ أي العراق ـ جزء من العالم الإسلامي " والتي تعني ضمنا أن الكورد وغيرهم ـ مع العرب ـ جزء من العالم الاسلامي، لم تشفع للمشرعين لدى السيد موسى لأنه يجب أن تكون " العروبة أولا " أساسا لكل علاقة حتى مع غير العرب، والزواج الكاثوليكي قاعدة وركنا في عقود الزواج بين الكورد والعرب، ولا تستوجب حتى قراءة الفاتحة كما استوجبت بعد عقد إتفاقية خرطوم المسلمة والجنوب السوداني المسيحي، التي لابد وأن السيد موسى قد بارك لها ودعا اللهأن يجمع ويؤدم بينهما بالخير والسؤدد لحين قرار الجنوبيين بفسخ النكاح أو دوام الإلتصاق، دون إتهامهم بالسفاح من جانب سيادته..!

وفي الوقت الذي لا مانع لديهكذلك من الاعتراف باسرائيل وتبادل السفراء ورفرفة علمها في كل بقاع العرب، يحز في نفسهأن يرى شعب كوردستان ذو الخصائص الذاتية كالشعوب الاخرى وصاحب أرض وتأريخ، لا يضم( بضم الياء ) قسرا إلى بوتقة الامة العربية، حتى لو أعتبر جزءا من الامة الاسلامية التي تحوي مختلف الأجناس واللغات والشعوب، ومن ضمنهم شعوب ودول الجامعة العربية وكذلك السيد عمرو موسى وأصحابه..!

أنا لست في معرض التعرض للدستور الذي يحتوي بنظر الكورد زلات وهفوات وينظر إليهبتردد، لكون بنودها لا ترتقي إلى مستوى الطموح الكوردي في تشكيل دولتهوحقهفي الاستقلال التام كباقي الشعوب التي قد لا تصل نفوس بعضها معشار نفوس الكورد، ولا تصل مساحة أرضها نصف مساحة كركوك في جنوب كوردستان..!

ولست كذلك بصدد التصدي للنص الوارد في مسودة الدستور " العراق بلد متعدد القوميات والأديان، وهو جزء من العالم الإسلامي والشعب العربي فيه جزء من الامة العربية "... والذي أقلق الشارع الكوردي لأنهلم يرض مطلبهالراهن الذي كان ولايزال منصبا على أن يضاف إليه أيضا نص " والشعب الكوردي جزء من الامة الكوردية " وكذلك " حق تقرير المصير " بصراحة، ومن باب أضعف الايمان، والذي ينسجم مع الواقع التاريخي والجغرافي لشعب كوردستان الذي ظل مناوئا ومقاوما للظلم الواقع عليه، ولتضحياتهالتي هي بادية للعيان، طوال أكثر من ثمانين عاما لم يذق فيهطعم الحرية والأمان، ناهيكم عن بلد يؤويهويحميهمن شر شياطين الإنس والجان...

لهذا السبب ليس معلوما أن يصوت الكورد على مسودة الدستور في الاستفتاء القادم، على الرغم من إحتواءها ـ كما يلاحظ ـ بنودا يمكن تفسيرها فيما لو طبقت ـ لاسيما بعد عودة كركوك وأخواتها ـ بأنهستصبح للكورد ـ نسبيا ـ دولة داخل دولة إتحادية فيدرالية، بغض النظر عن طبيعة تكوينها وشكلها أو صلاحياتها.

ولكن يا ترى أين كان الأستاذ عمرو موسى إبان يوم قيامة العهد البائد الذي وأد كل القيم الانسانية من أجل بقاءه..؟ ماذا كان موقفهحيال الجرائم التي ارتكبت والمجازر التي أقيمت وحملات الإعدام التي نفذت والأنفالات التي حصدت الأرواح وجعلت كوردستان والعراق موطن الأشباح..؟!

ألم يشعر ـ كانسان وكعربي وكمسلم ـ بعدم الإرتياح كما يشعر اليوم حيال نص " والشعب العربي فيهجزء من الأمة العربية "..؟! وألم يسمع من السيد نائبهالاستاذ نورالدين فرحات حشاد الذي زار حلبجة العام المنصرم وشاهد بعض معالم تلك الجريمة، حجم ما تعرض لهشعب كوردستان من حملات الإبادة، حتى يدرك أن الكورد قد تحقق عليهم قول الشاعر صدقا وعدلا:

مسافرون نحن في سفينة الأحزان

قائدنا مرتزق

وشيخنا قرصان

مكومون داخل الأقفاص كالجرذان

لا مرفأ يقبلنا

كل الجوازات التي نحملها

أصدرها الشيطان

كل الكتابات التي نكتبها لا تعجب السلطان

إذا كان السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية يشعر بالقلق وعدم الشعور بالإرتياح لما ورد في الدستور العراقي، وطلب تفسيرا وتوضيحا للأمر... فان الكوردي يشعر بشئ من التردد والريبة حتى حيال الحد الأدنى من مطالبهالتي تحققت في مسودة الدستور، خشية أن يكون مصيرها مسودا كمصير البنود التي وردت في قانون إدارة الدولة الذي وضع في سلة المهملاتاوبقي حبرا على ورق، خاصة المادة 58 المسكينة والتي كادت أن تصبح في عداد الموءودات التي لا أحد يسأل : بأي ذنب قتلت..؟!