Download Kurdish Fonts : Ali-Web - Ali-K-Alwand - Ali-K-Sahifa -Unikurd

HOME

اللغة الكوردية مسموحة في الامم المتحدة وممنوعة في سورية
محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

mohsinjwamir@hotmail.com

بعد عقود من الحرمان والإنغلاق والإضطهاد، وبعد أن سدت كل الأبواب علی الكورد وملئت قيثارته‌ بلحن الأحزان وصار كأنه‌ نزل بواد غير ذي زرع، وأصبحت القضية الكوردية يتيمة، وبات الشعب كالمحتمي ببيت العنكبوت، وأضحت آماله‌ تصول وتجول في أروقة منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية والصحف الأهلية والمحايدة والشخصيات التي كبرت عليها أشكال الإبادة التي تعرض لها شعب كوردستان.. وكلهم مشكورون ويسكنون في بؤبؤة عين الكورد وقلوبهم.. جاء القدر ليقول للكورد في هذا الجزء من وطنه‌ الأم إن مع اليوم غدا يا مسعدة..! وليدخل الرئيس مام جلال الأمم المتحدة ممثلا لشعبه‌ الذي إختاره ليكون رأسه‌ وصوته‌ في الدولة الإتحادية والمحافل الدولية، مثلما انتخب الشعب رئيسهم لكوردستان..

إن تضمن خطاب مام جلال اللغة الكوردية أمام الأمم وفي ثناياه‌، كان له‌ دلالة معبرة ونكهة خاصة واشارة ذات مغزی، وبالأخص للدول التي يعيش في نسيجها الكورد ولا تعترف بهم، فهي إليها بحاجة ماسة.. لتدرك أن حقوق الشعوب الأساسية وإن طغی عليها الغبار لقرون أوعقود، بفعل فنون الإضطهاد والإسكات وفرض الأخريات من اللغات، حتی إذا احتاج الأمر إلی الجنود.. فانها غير قابلة للانبطاح، ولابد أن تنتفض وتنتصر وإن كان علی مضض، فان لكل أجل كتاب وإنما للصبر حدود مهما كانت قوة الموانع والسدود..‌

كان من النوادر والطرف لو قيل في غابرالأيام وسالف الأعوام، أنه‌ سيأتي يوم وتكون اللغة الكردية ولو بقليل من الجمل، لغة الخطاب والحديث في هيئة الامم ، وهي تقف مع شقيقاتها من لغات شعوب تعيش بعضها في القمم.. لاسيما لغات الدول التي لا تعترف بالكورد ولا بالقيم التي تعترف بها المتحررات من الامم.

مع العلم أن لغة الكورد لا تقل أصالة ولا رصانة ولا جمالا عن كثير من اللغات التي دخلت الأمم المتحدة بعلمها وكيانها، وبعضها لم يكتب بها ولم تصدر الكتب بها إلا أخيرا وبعض دولها مازالت تكتب بلغة المستعمر لا بلغتها.. في حين أن الكتابة بالكوردية يناهز عمرها 500 عام والآثار باقية لحد الآن، ناهيكم عن دول تحتل مقاعد العضوية فيها ونفوسها لا تتجاوز نفوس مدينة قامشلو أو وان.

ثم أليس من العيب والعار ومن علائم عدم التعقل والكمال أن يدخل الإنسان السجن أو مراكز الإعتقال أو يتهم بالدعوة للإنفصال، لا لشئ إلا لأنه‌ دعا إلی التدريس بلغته‌ كباقي الأمم والنحل.؟!

لعل ما حصل هذه‌ المرة ـ وإن تأخر كثيرا ـ في الامم المتحدة، ما لم يحسبه‌ أصحاب الوحدانية في كل شئ.. سيكون درسا ونموذجا حريا بالإقتداء به‌ في داخل الدول التي يعيش فيها الكورد خاصة، توفيرا للجهد المضني والدماء التي تذهب هدرا من أجل حق أساسي وفطري ولد مع الإنسان، وأقرته‌ كل الأديان السماوية والقوانين والأعراف الدولية ولا يختلف عليه‌ إثنان عاقلان مدركان إلا الذين قلوبهم مليئة بالأدران ومن زمرة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان.؟ ).

إن غياب اللغة الكوردية عن المدارس والجامعات والمجامع الأدبية واللغوية والسياسية، وعدم التعامل معها سواء بسواء مع باقي اللغات الشرقية وبالأحری العربية والفارسية والتركية.. كما أحدث، وكذلك سوف يحدث شرخا وبرزخا أكبر في بنية العلاقات والعيش المشترك بين شعب كوردستان وبقية الشعوب المجاورة بحيث لا يلتقيان، مع ما للعربية من مكانة خاصة من دون لف أو دوران.

فلا الديمقراطية ولا العدالة الإجتماعية ولا الأخوة في الدين والعقيدة، تتحقق وتفيد من دون الإعتراف بحقوق الكورد ولاسيما باللغة الكوردية كلغة رسمية في كل أقاليم كوردستان، حتی لو جعلت أرضها في الرخاء والإزدهار جنات تجري من تحتها الأنهار.

وكل تنصل عن الإقرار بهذا الواقع، هو بمثابة دق أسفين الشقاق حتی بين الكورد وتعليم اللغات المجاورة، نتيجة ردود فعل سلبية طبيعية جراء جعل لغة ما معبودة، لانه‌ ليست هناك لغة ما مقدسة لذاتها، وبكلها جاءت الآيات من رب السماوات ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه‌ ليبين لهم )..

وبعكسه‌ يزداد الوئام والإنسجام، بل الإقبال علی اللغات الأخری بكل شوق وإحترام، وبالأحری اللغة العربية العظيمة.. كما هو حاصل في البلدان الديمقراطية التي لا تكاد تصدق ما نعانيه‌ من أمراض وحساسيات ورثناها كابرا عن كابر من الأفكارالبالية في الأيام الخالية، وبالتالی تطبعنا عليها واعتقدناها دينا وجعلناها غمغمات وتمتمات نرددها ورقی نعلقها، وكأن كل إنحراف عنها يعني أن يتبوأ الإنسان مقعده‌ من النار..!

عندما اعترف سيادة الرئيس السوري الشاب بشار الأسد بوجود مشكلة كوردية، تفاءلنا خيرا وقلنا أصاب وهذا هو حسن الخطاب، لأنه‌ شخص الداء للمصاب وبقيت المداواة وخطو الخطوات وإزالة الأسباب.. وإذا بنا وقبل أسبوع من دخول اللغة الكوردية وعلی لسان مام جلال هيئة الأمم، نسمع من معالی وزير الثقافة السوري محمود السيد وهو يصرح بتأريخ08\09\2005 ويشدد بلهجة قوية علی الكورد ( أن يكتبوا بالعربية ولا حل آخر في سورية ) وذلك في مهرجان أقيم في الرقة.. هكذا وببساطة، وكأن هم واهتمام الكورد لا يتجاوز طرفي ردائه‌..!

ومن المفارقات أن اللغة الكوردية في سورية وفي ظل الإحتلال الأجنبي لها، كانت أوفر حظا وأكثر تقدما، وكانت ترسل باشعاعاتها حتی إلی بقية أجزاء كوردستان.!

واليوم وفي القرن 21 أصبحت وكأنها نعش لا محال من دفنه‌، وبالتالي الإكتفاء بتعلم لغة واحدة بجعلها دكتاتورا سئ السمعة كما جعلوا الإسلام البرئ من كل شائبة، ثقيل الظل أمام أعين البعض في فترات ما.. ومع كل هذا وذاك صلی الكورد ومازالوا خمس مرات بالعربية، دون أن تعيقهم تلك الخرافات الشوفينية والعنصرية عن أداء ما فرض عليهم رب الأرباب.

عندما تتناهی إلی سمعی مثل هذه‌ التصريحات، أتمنی أن يزور كل مسؤول شرقي كبير بلادا غربية لإستطلاع الوضع عن كثب ويدخل دورة تقصي الحقائق لمعرفة الواقع الذي قد يدعو إلی العجب.. ليری بأم عينيه‌ الجهود والأموال الطائلة التي تخصصها الحكومات التي أزالت عن نفسها غواشي الغروروالكبرياء حتی تجاه‌ الغرباء، لتصرفها علی ألطفل الأجنبي ليحتفظ بلغته‌ وتراثه‌ ولا يتعرض هذا الذخر الإنساني إلی النسيان أو التجريح أوالتهميش بفعل الهجرة، وحتی لا يقطع التلميذ صلته‌ بماضي آبائه‌ وأجداده‌ ويصبح تأريخه في طي النسيان ويفقد شخصيته‌ ويستكين تجاهه‌ .

كل ذلك من أجل أن لا تكون اللغة الكوردية في مواجهة المطبات وتكون ممنوعة في موطنها، ومسموحة في الامم المتحدة.

فهل من مجيب؟