وكل تنصل عن الإقرار بهذا
الواقع، هو بمثابة دق أسفين الشقاق حتی بين الكورد وتعليم اللغات المجاورة،
نتيجة ردود فعل سلبية طبيعية جراء جعل لغة ما معبودة، لانه ليست هناك لغة ما
مقدسة لذاتها، وبكلها جاءت الآيات من رب السماوات ( وما أرسلنا من رسول إلا
بلسان قومه ليبين لهم )..
وبعكسه يزداد الوئام
والإنسجام، بل الإقبال علی اللغات الأخری بكل شوق وإحترام، وبالأحری اللغة
العربية العظيمة.. كما هو حاصل في البلدان الديمقراطية التي لا تكاد تصدق ما
نعانيه من أمراض وحساسيات ورثناها كابرا عن كابر من الأفكارالبالية في الأيام
الخالية، وبالتالی تطبعنا عليها واعتقدناها دينا وجعلناها غمغمات وتمتمات
نرددها ورقی نعلقها، وكأن كل إنحراف عنها يعني أن يتبوأ الإنسان مقعده من
النار..!
عندما اعترف سيادة الرئيس
السوري الشاب بشار الأسد بوجود مشكلة كوردية، تفاءلنا خيرا وقلنا أصاب وهذا هو
حسن الخطاب، لأنه شخص الداء للمصاب وبقيت المداواة وخطو الخطوات وإزالة
الأسباب.. وإذا بنا وقبل أسبوع من دخول اللغة الكوردية وعلی لسان مام جلال هيئة
الأمم، نسمع من معالی وزير الثقافة السوري محمود السيد وهو يصرح
بتأريخ08\09\2005 ويشدد بلهجة قوية علی الكورد ( أن يكتبوا بالعربية ولا حل آخر
في سورية ) وذلك في مهرجان أقيم في الرقة.. هكذا وببساطة، وكأن هم واهتمام
الكورد لا يتجاوز طرفي ردائه..!
ومن المفارقات أن اللغة
الكوردية في سورية وفي ظل الإحتلال الأجنبي لها، كانت أوفر حظا وأكثر تقدما،
وكانت ترسل باشعاعاتها حتی إلی بقية أجزاء كوردستان.!
واليوم وفي القرن 21 أصبحت
وكأنها نعش لا محال من دفنه، وبالتالي الإكتفاء بتعلم لغة واحدة بجعلها
دكتاتورا سئ السمعة كما جعلوا الإسلام البرئ من كل شائبة، ثقيل الظل أمام أعين
البعض في فترات ما.. ومع كل هذا وذاك صلی الكورد ومازالوا خمس مرات بالعربية،
دون أن تعيقهم تلك الخرافات الشوفينية والعنصرية عن أداء ما فرض عليهم رب
الأرباب.
عندما تتناهی إلی سمعی مثل
هذه التصريحات، أتمنی أن يزور كل مسؤول شرقي كبير بلادا غربية لإستطلاع الوضع
عن كثب ويدخل دورة تقصي الحقائق لمعرفة الواقع الذي قد يدعو إلی العجب.. ليری
بأم عينيه الجهود والأموال الطائلة التي تخصصها الحكومات التي أزالت عن نفسها
غواشي الغروروالكبرياء حتی تجاه الغرباء، لتصرفها علی ألطفل الأجنبي ليحتفظ
بلغته وتراثه ولا يتعرض هذا الذخر الإنساني إلی النسيان أو التجريح أوالتهميش
بفعل الهجرة، وحتی لا يقطع التلميذ صلته بماضي آبائه وأجداده ويصبح تأريخه
في طي النسيان ويفقد شخصيته ويستكين تجاهه .
كل ذلك من أجل أن لا تكون
اللغة الكوردية في مواجهة المطبات وتكون ممنوعة في موطنها، ومسموحة في الامم
المتحدة.
فهل من مجيب؟