كان رعب جيش
بني اسرائيل من شعب البيليست (الفلست) الذين غزوا البلاد من البحر (وقعة الغزو هي
القصة التقليدية بين المؤرخين) من الشدة بحيث كرهوا الامر الذي صدر لقتالهم بعد ان
كانوا يطلبونه من نبيهم . عبر الجيش النهر وخالف اكثر الجند الامر، شــربوا من ماء
النهر وقد نهوا عنه وأورثتهم تلك المعصية جبناً وتخاذلاً فتركوا طالوتاً، ملكهم،
الا فئة قليلة صبرت واحتسبت. عبر الجيش النهر ولم يعبره العرب بعد ثلاثة الاف من
السنين وهم كــــــانوا اكثر عدداً.
كانت
المعركة مع شعب (الفلست) مصيرية جعلت طالوتاً يعد من يقتل الملك الفلستي جالوت
بمشاركته ملكه وكان لها داود. وتقول اخبار بنى اسرائيل ان داوداً قتل الملك الفلستي
بمقلاعه وعند ذكر المقــلاع أتوقف عن ســــرد بقية القصة.
كان نحواً
من ثلاثة الاف من السنين مدة تفصل التأريخ عن عودته معكوساً. انقلبت الاية بعد هذه
المدة و عاد الغزو من البحر. هذه المرة حملت الامواج اليهود الذين ارادوها عودة الى
ارض الاجداد ولو على اساس مغالطات واوهام. كان الفلست شعبا وثنيا و اغلب الظن كان
اوروبيا اما فلسطينيو اليوم فهم مسلمون عرب لايربطهم بالفلست الا الاسم الذى اعطاه
هؤلاء للبلاد. واما القتل والتشريد الذين اوقعهما الغازيان فكان واحداً والتخاذل
الجماعي وصبر القلة عند بنى اسرائيل وعند مسلمي اليوم كان ايضاً واحداً. قتل داود
الملك الفلسطيني بمقلاعه. بقية القصة لاتهمنا هنا وقد تصلح لمقارنة اخرى فلندعها
الآن. داود مات ثم عاد للحياة. هذه المرة ليس كنبى ولكن كشاب يحمل في يده اوهن سلاح
حمله جندي في يومنا هذا. داود اليوم فلسطينى يفخر به النبى الاسرائيلى ويرى فيه، لو
اتيح له ان يراه، نفسه ويده التى هزت المقلاع لتطوح به جالوت الوثنى. داود عاد شابا
يصرخ مقلاعه: عار على امة يرى حكــــــــامها ان سلاحاً اكثر من المقـــــــلاع
تهمة لحامله ويقولون عــــــنه هو ارهابى وعدو للســـــــــــلام.
لن يعبر
الحكام النهر ولن يشربوا منه فهم تخاذلوا قبل ذلك ويبقى داود الفلسطينى وحده، هو
غربي النهر وعار الامة وعار حكامها شرقيه وما حوله.
-------------------
*نشر في "الجماعة" ملحق جريدة (كومه ل) العدد(77)
21/4/1424- 21/6/2003