مذكرات غير مرتبة-2
عندما نهق الحمار عند ذكر البعث
فاضل قره داغي
كان ذلك اواسط سبعينات القرن العشرين وكنت في الصف الثالث المتوسط او الرابع الاعدادي. جمعتنا ادارة الثانوية، وهي ثانوية شورش، الثانوية العربية الوحيدة في السليمانية، في قاعة المدرسة لان احد كبار بعثيي مدينة السليمانية (المدينة الكبيرة في كردستان العراق والتي كان البعثيون يلقبونها برأس الحية) اتى لمدرستنا لالقاء محاضرة لا اتذكر موضوعها فهي كانت محاضرة سخيفة كباقي المحاضرات التي كانت تمتلئ بتمجيد البعث وقيادته التي اذاقت العراقيين والكرد خصوصا الويلات. لقد كان الحزب وقيادته مقدسين يعاقب منتهك قدسيتهما باقصى العقوبات التي كانت تصل في اغلب الاحيان للاعدام لكن اراد الله ان يجعل من البعث ومن ذلك المسؤول الحزبي اضحوكة لنا، نحن الذين راينا في تلك السنة او في السنة التي قبلها انهيار الثورة الكردية المسلحة ببساطة شديدة بسبب اتفاقية الجزائر بين القيادة العراقية ممثلة بنائب الرئيس، صدام حسين، الذي كان هو الرئيس الفعلي للعراق، وشاه ايران، وكان انهيار تلك الثورة ايضا بسبب سذاجة القيادة الكردية واعتمادها على شاه ايران وعلى اميركا وايضا عدم افادتهم من تجارب حرب الانصار والاعتماد على معارك الجبهات بصورة رئيسية هذا عدا عن فساد المسؤولين.
حسنا اين وصلنا؟ مازلنا في الدقائق الاولى للمحاضرة. تكلم المسؤول البعثي واستمعنا اليه مكرهين واكثرنا كان في سره يلعنه ويلعن قادته ومن ارسله ثم وصل حديثه الى ذكر الحزب فسمعناه يقول: ان حزب البعث العربي الاشتراكي.. وعندما اكمل اخر حرف من جملته نهق حمار خارج المدرسة.. نعم! نهق عند اخر حرف ولم يتاخر ولو لثانية، وضحك كل من كان في القاعة. اجل اقترفنا الجرم الاكبر وضحكنا، ولو كان الضاحك واحدا او اثنين او ثلاثة لبكوا بعد ذلك بدل الدموع دماءا قبل ان يعلقوا على اعواد المشانق، وبالطبع لم يكن ليشفع لهم عمرهم فكم من ولد لم يبلغ الثامنة عشرة اعدمه البعث.
على كل كنا كلنا من الضاحكين بل واعتقد ان حتى الطلاب البعثيون ضحكوا معنا وكنا نحن أسعدهم بالحمار. لقد كنا نعيش في اجواء النكسة فارسل الله حمارا لينتقم لنا.. ولله جنود السموات والارض.. وقد كان ذلك جنديا ظريفا.
------------------------
www.zagros.org/content/arabic/arabic-2010-09-27-013.html