عمود السحاب الى البحر مع عربات فرعون
فاضل قره داغي
اسمت اسرائيل حربها التي سرعان ما خسرتها بـ (عمود السحاب) والاشارة هي لخروج بني اسرائيل من مصر حيث قادهم الرب حسب سفر الخروج بعمود من السحاب نهارا وعمود من النار ليلا حتى يتمكنوا من المسير ليلا ونهارا عندما كان يطاردهم فرعون وجنوده. ونعرف بقية القصة: غرق فرعون وجنوده ونجاة بني اسرائيل.
واذن ارادتها اسرائيل عمودا من سحاب يكون علما لها يتقدمها وينقذها هذه المرة من العماليق، والعماليق هم من تصدوا لبني اسرائيل بعد خلاصهم من فرعون وقد حفلت التوراة بذم العماليق والتحريض على قتالهم. وهاهم عماليق غزة بزعمهم يقاتلونهم ومن وراءهم مصر الجديدة، مصر ما بعد الثورة التي تسلك طريق الاستقلال الحقيقي وحري بهم ان يساووها بمصر رمسيس الثاني القوي الجبار.
ولماذا عمود السحاب وليس عمود النار؟ اليس عمود النار، اي حملات القصف الليلي، افضل؟ اليس اسم النار اكثر ايحاءا بالعنف الاسرائيلي المرتقب؟ السبب يكمن عند من اختار الاسم وليس لنا الا ان نخمن، وما نخمنه هو تبجح اسرائيل بقوتها، ذلك التبجح الذي يشابه غرور فرعون: (ان هؤلاء لشرذمة قليلون* وانهم لنا لغائظون* وانا لجميع حاذرون)، اما كما قالت التوراة بان الرب قال ساقسي قلب فرعون. ورغم ما قاسته اسرائيل في حرب 2008 فانها ارادتها حرب نهارية يتقدمها عمود سحاب ولاحاجة بعد لليل والاختباء في ظلامه والاستهداء بعمود ناره.
كم من الجنود الاسرائيليين صرخوا في وجه جنودهم عام 2008 كما صرخ بنو اسرائيل في وجه نبيهم: الم تكن في مصر قبور ندفن فيها حتى اتيت بنا الى هذه البرية نموت فيها؟ جنود اسرائيل هذه المرة فاتتهم الفرصة فالحرب كانت اقصر مما يتصوروه وعمود السحاب انقشع ليعلموا بعد ذلك انه لم يكن الا سرابا.
------------------------
www.zagros.org/content/arabic/arabic-2012-11-22-027.html