| |||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||
تعرف على كردستان فاضل قره داغي معلومات عامة وشديدة الاختصار بخصوص موقع وتاريخ كردستان ولغتها واديانها ومذاهبها واحزابها السياسية. والقارئ العربي قد يتفاجأ ببعض تلك المعلومات وخصوصا التاريخ القديم لكردستان وحدود كردستان الواسعة مع غياب دولة مستقلة تناسب اهمية البلد وكذلك قد يتفاجأ بقدم تاريخ الصحوة الاسلامية وخصوصا مع الدعايات المغرضة ضد الكرد من بعض الدوائر والشخصيات المتعصبة او الجاهلة بكل ما يتعلق بالكرد.
هذه مواضيع كتبتها وصممتها لموقع الجماعة الاسلامية قبل سنين عدة. وقد اضفت معلومات و اجريت تعديلات لبعضها. وقد تحتاج بعض المعلومات الى تحديث بسبب ما استجد من احداث خلال تلك الاعوام المنصرمة.
جغرافية كردستان
تتوزع كردستان بصورة رئيسية على ثلاث دول هي العراق وايران وتركيا مع قسم صغير يقع في سورية فيما يتواجد عدد من الكرد في بعض الدول التي نشأت على انقاض الاتحاد السوفييتى. وتشكل كردستان في مجموعها ما يقارب مساحة العراق الحديث. وتختلف التقديرات حول عدد الكرد بين 25 الى 40 مليونا و يعود هذا الفرق اولا الى عدم وجود احصائية موضوعية للكرد في تلك البلدان وخصوصا تركية التي لم تكن تعترف الى سنوات قليلة بوجود من يدعى بالكرد ونرى ان الرقم الاولى هو ادنى التقديرات المقبولة.
تتكون كردستان من سلاسل جبلية وسهول. وسلسلتي زاكروس Zagros وطوروس هما العمود الفقرى للجبال فيها.تمتد السلسلة الاولى من اقدام الجبال في منطقة الاحواز او عربستان( خوزستان بالايرانبة) والتي تقع جنوب كردستان حتى تصل اقصى شمال كردستان اي انها تسير من الجنوب الشرقي نحو الشمال الغربي اما السلسلة الثانية فتمتد من الشرق الى الغرب وتقع في كردستان تركية. تشكل السهول المكون الثاني لطوبوغرافية كردستان وهذه السهول على العموم محصورة بين سلاسل الجبال غير ان هناك سهول واسعة تقع عند انتهاء مناطق الجبال.
ومن اشهر السهول سهل شهرزور في كردستان العراق الذي يمتد من مدينة السليمانية الى مدينة حلبجة مع امتدادات واسعة الى الشمال الشرقي من السليمانية والى الشرق من السهل. وتعتبر تربة السهل السوداء من الترب الخصبة وتصنف تحت الدرجة الثانية حيث لاتتفوق عليها سوى تربة الدرجة الاولى. والانهار هي المعلم الثالث لطوبوغرافية كردستان و من جبال كردستان ينبع النهران العظيمان الفرات الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم بحقه انه من انهار الجنة ودجلة كما تنبع من كردستان جميع روافد النهرين.
ان من اهم خصائص جغرافية كردستان هي جغرافيها السياسية فكردستان هي احد المعابر القليلة بين الشرق والغرب فحركة الجيوش و هجرات الشعوب من الشرق (ايران، اسيا الوسطى، الهند، منغوليا) الى الغرب (العراق والشام، افريقيا، اوروبا) لابد ان تمر بواحد من المعابر االاربعة: كردستان ، الاحواز، روسيا ، المعبر المائي(اي البحار).
ومن الخريطة يتضح ان روسيا هي الطريق الاطول للوصول الى الغرب اما الاحواز فتصل بالمرء الى العراق والشام وافريقيا وتبعده عن الغرب اما الطريق المائي فهو طويل وليس في متناول الجميع. وبسبب من مكانها هذا كانت كردستان معبرا للكثير من الجيوش الغازية والشعوب المهاجرة من الشرق للغرب فيما كانت هجرات الشعوب من الغرب الى الشرق نادرة بل ومعدومة وكانت الحركات في هذا الاتجاه هي حركة الجيوش في المقام الاول.
ان وقوع كردستان في مكان كهذا جلب الخراب لها ولم يجلب الخير لاهلها وكان هذا من احد اسباب عدم نشوء دولة موحدة في كردستان كما كانت الطبيعة الجبلية للبلد سببا في نشوء العديد من الامارات المتفرقة المستقلة واشباه الدول.
تاريخ كردستان
يعتبر تاريخ كردستان تاريخا متنوعا من حيث المساهمين فيه ومتكررا من حيث احداثه. ان الطبيعة الجغرافية لها الاثير الكبير في تاريخ كردستان فمن الناحية العسكرية كانت الوقائع والحروب محكومة بجغرافية وطوبوغرافية البلد فمثلا كانت الحروب تتميز بانها حروب التجاء الى القلاع والجبال وكانت المعارك المفتوحة قليلة مما ادى الى ضعف التنظيم العسكرى الخاصض بالجيوش النظامية وهو احد معالم الدولة. كما ان وعورة المنطقة القت بظلها على الفعاليات التجارية فعلى الرغم من حقيقة ان كردستان هي احد المعابر القليلة الواصلة بين الهند والصين وايران واسيا الوسطى من جهة الشرق والعراق والشام وافريقيا لاوالغرب من جهة الغرب فان كردستان لم تتحول الى طريق تجاري ذي شأن بل كانت بالاحرى معبرا للجيوش وهجرات الشعوب مما اضفى عليها حالة عدم الاستقرار، تلك الحالة التي كانت موجودة اصلا بسبب تجزئة البلد الى عدد من الامارات والتي بدورها كانت احدى نتائج الطبيعة الجغرافية هذا في الادوار التي شهدت وجود تلك الامارات. من هنا فان تاريخ كردستان ملئ بالاحداث المتكررة فالتاريخ يكرر نفسه في كردستان باستمرار.
ادوار كردستان التاريخية وما قبل التاريخية
1- العصور الحجرية
2- العصور التاريخية ونقسمها الى تلك الادوار:
اولا- دور الشعوب القفقاسية : وهذه تسمية توضيحية ليس الا ونقصد بها ان شعوب كردستان في ذلك الدور كانت تتكلم لغات لاتنتمي الى اية من المجمعات اللغوية المعروفة اي مجموعة اللغات السامية التي تنتمي اليها اللغات العربية ةالعبرية والاكدية والامورية..الخ ومجموعة اللغات الهندواوربية التي يتكلم بها الكرد الحاليون والفرس والهنود واغلب شعوب اوربا ومجموعة لغات الاورال تاي التي يتكلم بها الترك والمنغوليون والصينيون. وقد اصطلح على تسميم تلك المجموعة المجهولة اسم اللغات القفقاسية او الاسيانية Asiatic . وتعود التسمية الاولى الى حقيقة ان بعض شعوب القفقاس تتكلم بلغات تعود بدورها الى مجموعة مجهولة كما ان من المحتمل ان تكون هجرات شعوب كردستان الاولى الى كردستان قد جاءت من القفقاس.
ومما لاشك فيه ان لغات كردستان القديمة قد تركت اثارها على لغة الكرد. ان الحيز التاريخى الذي شغلته تلك الاقوام يمتد من حوالي 2500 قبل الميلاد او احدث من ذلك بقرنين او ثلاث ولغاية منتصف الالف الاولى قبل الميلاد او مايقرب من 500 او 400 قبل الميلاد مع تفاوت بين كل شعب واخر حيث اندثرت بعضها قبل الاخرى وهذه الارقام هي الحد الاقل المحتمل. وتنتمي الى تلك المجموعة العرقية شعوب اللوللو Lullu او اللوللوبيين Lullubi التي كانت تسكن المنطقة المحصورة بين نهري الزاب الاسفل و سيروان (ديالة) او ما يطابق الى حد كبير محافظة السليمانية الحالية. وان اقدم اشارة تاريخية لهذا الشعب تعود الى حوالي منتصف الالف الثالثة قبل الميلاد ويرجح انه اندثر قبل الميلاد بثلاث او اربعة قرون.
والشعب الاخر الاكثر شهرة هم الكوتيون Guti الذين استطاعوا بين القرنينالثالث والعشرين والثاني والعشرين قبل الميلاد من احتلال العراق وحموه لنا يقرب من 91 عاما وموطنهم الاصلي غير محدد بدقة فقد يحتمل انه كان جنوب اللوللو او شمالهم وهو الارجح وقد يكونوا في الجنوب اولا ثم انتقلوا الى الشمال او كانوا موجودين في اماكن متعددة ثم ازيحوا من قبل الاقوام المجاورة.
ان سبب هذا الشك يعود الى حقيقة ان اسمهم بالاضافة الى دلالةه المحددة على شعب معين كان مصطلحا عاما يوصف به الكثير من الشعوب الجبلية الاخرى كما كان بلد الكوتيين Gutium وهي صيغة اكدية كان في كثير من الاحيان يطلق على المنطقة الجبلية شمال شرق وادي الرافدين او الجزء الاعظم من كردستان العراق. وعمر هذا الشعب يقؤب من عمر اللوللو. والشعب الاكثر انتشارا هم الخوريون Khurri المعروفون في المصادر العربية باسم الحوريين. وهذا الشعب كان يسكن ارمينياو جميع ارجاء كردستان الشمالية واقسام كبيرة من باقي كردستان اي انه كان يسكن النصف الشمالي من كردستان الكبرى. ويكاد هذا الشعب هو الوحيد الذي نعلم لغته بسبب من وجود مدونات بلغته.
ثانيا - دور الشعوب الهندو اوربية: وتبدأ مع هجرات الاقوام الهندواروربية التي شهدتها اسيا واوربا والتي يحتمل انها جاءت من اسيا الوسطى.
الميديون
الميديون شعب كان يتكلم بلغة هندو- أوربية وقد أسلفنا أن الشعوب الهندو- أوربية هاجرت بداية الالف الثانية قبل الميلاد إلى المناطق الممتدة من كردستان الى الهند وان كان نزوحهم للهند مؤرخاً بنحو 1600 قبل الميلاد. الا ان اول ذكر للميديين يرد في السجلات الآشورية كان ايام الملك الاشوري شلنمنصر الثالث (تحديدا 835 قبل الميلاد) حيث كان هذا اول احتكاك بين الميديين و الآشوريين الذين كانوا يوسعون إمبراطوريتهم في جميع الجهات.
لقد كان الملوك الآشوريين يصفون الميديين بالأقوياء وقد نجحوا في اقصاء البعض منهم وعقدوا المحالفات مع بعض الاخر فيما بقت اقسام منهم غير خاضعة للآشوريين.
وقد لعبت السياسة الدولية آنذاك كما هو الحال اليوم دورا كبيرا في توجيه الأحداث. فالآشوريين كانوا في حالة حرب مستمرة مع الدول المجاورة ومنها دولة اورارتو Urartu التي كانت مدينة (توشبا)Tushpa الواقعة على الضفة الشرقية لبحيرة (وان) عاصمتها فكان كل طرف يسعى للحصول على حلفاء بين شعوب المنطقة و يسعى لاقتطاع جزء من ارا ض غريمه فمثلا عقد ملك اورارتو روسا الثاني حلفا مع بعض الحكام الميديين منهم دايائوككو Daiaukku الذي يقارنه البعض مع اول ملوك الميديين والذي يسميه ألاغريق بديوكس Deioces غير ان الراجح هو انهما شخصا مختلفان وكذلك مع حاكم آخر باسم باكداتي Bagdatti (الذي يعني اسمه هبة الله) وغيرهما، وكان من نتيجة الحلف ان تم اقتطاع اجزاء من اراضي ماننا جنوب بحيرة اورمية و التي كان حاكمها تابعاً للآشوريين و ما كان من الملك الآشوري سرجون الثاني حينذاك إلا ان هاجم الحلفاء في حملة طويلة ( 714 قبل الميلاد) اعاد فيها الأمور الى نصابها.
استمرت الحملات الآشورية على بلاد الميديين الا اننا نرى تراخى قبضتهم عليها بالتدريج حيث نرى الملك الاشوري اسرحدون (681-669 قبل الميلاد) يعقد اتفاقا مع احد حكامهم المدعو راماتايا يتعهد بموجبه بمساعدة ابن الملك الاشوري عندما يعتلى العرش ضد أى تهديد.
هذا وقد تحول الميديين الى الهجوم ايام ملكهم فرائورت حيث اغار على البلاد الخاضعة لاشور عام 634 قبل الميلاد من غير ان يتمكن في تحقيق أمله، أما سلفه هوفارخشاثرا الذي يدعوه لأغريق بكياكسارس فقد تمكن بالتعاون مع البابليين من تحطيم اشور نهائيا.
ايام الملك المذكور كانت ميديا واقعه تحت سيطرة السكيثيين وهم احد الشعوب المحاربة التي غزت كردستان و القفقاس من جنوب روسيا، وحسب المصادر اليونانية فان الملك المذكور دعى السكيثيين الى وليمة اغدق عليها فيها بالأكل و الشراب حتى اثملهم ثم اعطى ألاوامر الى رجاله بالانقضاض عليهم و استعادت ميديا حريتها . هذا وقام الملك الميدى ببناء جيش قوي غزا به البلاد التي كانت تحكمها اشور حتى اذا كانت سنة 612 قبل الميلاد قام بالاستيلاء على مدينة اشور ، العاصمة لقديمة و المركز الديني.
قبل ذلك كان البابليون بقيادة نابوبلاصر قد طردوا الاشوريين من بلاد بابل غير انه لم يكن في مقدورهم دحر الدولة الاشورية الا عندما ألقت ميديا بثقلها في الحرب ضد اشور، هنا تشجع البابليون وزحفوا شمالا وعند أسوار اشور التي كان الميديون قد استولوا عليها عقد الحلف بين الدولتين وزحفوا معاً ضد نينوى، العاصمة الاشورية، وبعد حصار المدينة سقطت العاصمة الاشورية و سقطت معها الدولة التي دوخت المنطقة و اهلكت الحرث والنسل وتحققت نبوة ناحوم ا، احد أنبياء بني إسرائيل حيث قال أيام مجد الدولة الآشورية بان تلك الدولة التي تتوجه نحوها الشعوب و الدول بالخضوع ستزول وان عورتها ستنكشف وان كل من يسمع خبرها سيصفق فرحاً ((فمن ذا الذي لم يلحقه شرك المستطير على الدوام؟)).
توجه الجيش الاشوري بعد ذلك نحو حران ووصلت معونة من المصريين لكن بعد فوات الاوان حيث احتلت حران و زالت الدولة الاشورية نهائيات من الوجود. قام هوفارخشاثرا بعد ذلك بغزو ليديا وهي المملكة الذي كانت تحكم النصف الغربي من اسيا الصغرى وحسب الروايات فان كسوفا للشمس وقع اثناء القتال فتشائم الطرفان وتوقف القتال و عقد الصلح بينهما على ان يكون النهر الذي يسمى اليوم بـ (قزل ارماق) هو الحد الفاصل بين الدولتين كما امتدت حدود الدولة الميدية الى باختريانه (باكتريا) في افغانستان الحالية شرقاً و الخليح العربي جنوباً.
زالت الدولة الميدية حوالى 550 قبل الميلاد على يد الفرس وهم الشعب الذي كانوا يسكنون في أقصى جنوب إيران الحالية وذلك زمن الملك الميدى الذي يسميه الاغريق (استياغس) ويسميه الملك البابلي وبـ (اشتوميكو) وكان سقوطه على يد كورش و انشأت على يدي الاخير الإمبراطورية ألاخمينية والتي استولت ايامه على بلاد بابل واحتلت ايام اسلافه مصر و دخلت في نزاع مع الدويلات ألاغريقية غرب اسيا الصغرى وكانت بداية الصراع اليونانى -الفارسي.
رحلة العشرة الاف اغريقي
من بين ألاحداث التي شهدتها بكردستان ايام السلالة الاخمينية ما اصطلح على تسميتها برحلة العشرة آلاف حيث كان جيش من المرتزقة الاغريق قد قدموا اخي الملك الفارسي في تمرده وبعد فشل التمرد اضطر المرتزقة الاغريق للرجوع واتخذوا من زينوفون (اكسينوفون) وهو تلميذ لسقراط قائداً لهم . هذا وقد دون المذكور تفاصيل عودتهم عبر وادي الرافدين و كردستان ووصولاً االى اسيا الصغرى في كتاب له سماه (اناباسيس) اى الصعود.
وكان مما ذكره اصطدامه بقبائل الكاردوخوى في منطقة يرجح انها منطقة زاخو في كردستان اقصى شمال العراق وذلك بسبب من اضطراره لاختيار اراضيهم. ويذكر زينوفون كيف كانوا يكمنون لجيشه وكيف كانوا يدحرجون الحجارة من اعالي الجبال على الجيش الذي كان يسير في الوديان وغير ذلك من الحوادث.
الغزو المقدوني
بعد انتصار الاسكندر المقدوني وجيشه المؤلف من المقدونيين و الاغريق على الملك الاخميني وقعت كردستان تحت السيطرة المقدونية الاغريقة و بعد وفاة الاسكندر سنة 323 قبل الميلاد كانت كردستان و العراق وسوريا وايران من حصة احد قادته المدعو سلوقس.
وعندما طهر الفرث بعد ذلك في منطقة خراسان و دخلوا في صراع مع السلوقيين كان من الطبيعى ان تنتقل كردستان الى السيطرة الفريثة كما شهدت كردستان قبل ذلك غزو المملكة الأرمنية.
وقد انتقل الان الصراع القديم الاخمينى - اليونانى الى صراع فرثي - روماني كانت كردستان اثناءه مسرحاً لصراع القوتين العالميتين و كابدت من ويلاته كثيراً وبعد اكثر من اربعة قرون من الحكم الفرثي سقط أولئك امام السلالة الساسانية (224 ميلادية) التي استمرت حتى الفتوحات الاسلامية، وكالسابق كانت كردستان مسرحاً للحروب بين، الساسانيين و الرومان ثم بين الساسانين و بيزنطة مما يطول سرده.
زفي سنة 627 ميلادية تعرضت كردستان خصوصا شهرزور إلى دمار كبير على يد الإمبراطور البيزنطي هرقل وبقيت شهرزور في ايدى الروم لغاية سنة 18 هجرية (639 ميلادية) فجاءت الفتوحات الاسلامية التى صارت بعد ذلك سبباً في انهاء تقسيم كردستان بين دولتين هذا التقسيم الذي حولها الى مسرح للحروب جلب عليها الدمار و الويلات.
الفتوحات الاسلامية
حسب بعض المؤرخين المسلمين فان سنة 18هـ شهدت اول اتصال بين الفاتحين المسلمين و الكرد اى بعد فتح حلوان وتكريت وان كان هناك اتصال اسبق بين الكرد و الاسلام حيث ان احد الصحابة كان اسمه جابان الكردي وابنه كان يدعى ميمون وقد روى عن ابيه بعض الاحاديث.
استولى الجيش الاسلامي على حلوان حيث يعتقد انه كان اول اتصال بينه وبين الكرد وكان الملك الفارس يزدجرد معسكرا بها، وبعد فتح تكريت ارسل سعد بن ابى وقاص بامر من عمر بن خطاب سنة 18 هـ ثلاثة جيوشاً لفتح الجزيرة .
و وجه امير المؤمنين عمر سنة 21هـ (642م) جيشاً نحو شهرزور لم ينجح في مسعاه فوجه اليها جيشاً آخر تمكن من فتحها بعد قتال شديد.وبين 18هـ و 23هـ اشترك الكرد مع الفرس في الدفاع عن ألاحواز وغيرها .
هذا وقد حصلت ثورات ايام الخلافة الراشدة و الخلافتين الاموية والعباسية يطول ذكرها كما نشاءت في الادوار المتاخرة للعصر العباسى امارت مستقلة أو شبه مستقلة في كردستان.
وهذا وقد اصاب كردستان ما اصاب باقي العالم الاسلامي من الويلات على يد المغول ومن قبلهم قبائل الغزّ التي عاثت في الارض فساداً (429هـ – 1037م) واستمرت في فسادها سنين عديدة و الخوارزميون (614هـ -1217م) الذين اهلكوا الحرث والنسل من قبل قائدهم جلال الدين خوارزم شاه سنة (628هـ -1231م) الذي انزل البلاء على كردستان ثم كان الغزو المغولي الذي دمر شهرزور سنة (645هـ -1247م) كما غزوا منطقة ديار بكر، وبعد ذلك و ايام هولاكو كابدت كردستان من ويلات المغول واصيبت بنكبات شديدة وبعد قرن ونصف من الزمان اجتاحت كردستان و بقية بلاد تلك ألأرجاء موجة جديدة من المغول بقادة تيمورلنك ارتكبت فيها فضائح كثيرة ومن ذلك مما حصل عام 804هـ - 1401 م. وقد عاصر تيمور لنك الامير الكردي شرف الدين البدليسى صاحب الكتاب الشهير (شرفنامة) الذي يعتبر اول كتاب في تأريخ الأكراد.
كانت هناك دولاً أخرى منها دولتان تركمانيتان هما الآق قوينلو (الخروف الأبيض) والقرة قوينلو (الخروف ألأسود) قامت الثانية بالقضاء على الامارات الكردية وكان الخلاف المذهبي بين الكرد السنة ودولة القرة قوينلو الشيعية من ألأسباب الرئيسية.
الدولتان العثمانية والصفوية
استطاع الشاه اسماعيل الصفوي الانتصار على دولة ألاق قوينلو وسلبهم ممتلكاتهم وبسبب من الخلاف المذهبي بين الشاه و الكرد اصاب الكرد ظلم شديد على ايديه ومن الجدير بالذكر ان الشاه المذكور هو الذي قام بتحويل ايران الى دولة شيعية بعد ان كانت قلعة من قلاع السنة وفى الطرف الآخر كانت دولة فتية اخرى هي الدولة العثمانية في غرب الاناضول هي المنافس المستقبلي للدولة الصفوية.
تحولت كردستان مرة اخرى الى مسرح للقتال بين قوتين وكانت المعركة الشهيرة تشالديران Chalderan (سنة 920 هـ – 1514 م) بين الدولتين بداية تقسيم كردستان بينهما.
كانت سياسة الصفويين وعلى ما يقول المؤرخ الكردي (امين زكى) تتركز في القضاء على الإمارات الكردية واحلال حكام من القزلباش الشيعة مكان حكامها المحليين اما الدولة العثمانية فاتبعت سياسة اخرى كان للأمير البدليسي دوراً كبيراً فيها الا وهى ابقاء الأمراء في مناصبهم و وضع انظمة ادراية تتفق مع رغبة الاهالى.
ان تقسيم كردستان ووضع الحدود بين الدولتين لم يوقف الحروب بل استمرت الحروب سجالاً بينهما كانت كردستان الخاسر ألأكبر فيها ولحقها الدمار الذي يلحق بكل البلاد التي تكون مسرحا للصراع بين قوتين متنازعتين.
بعد قرن من الومان غيرت الدولة العثمانية من سياستها بعد امنت شر الصفويين فبدأت حركة لتطبيق سياسة مركزية و القضاء على الامارات الكردية.
وفي الادوار ألأخيرة من حياة الدولة العثمانية وبسبب من انتشار الفساد الإداري فيها كانت الولايات التابعة للعثمانيين تعاني من الابتزاز والرشوة و بيع المناصب مما كان يشعل نار الثورة بين شعوب المنطقة ولذلك كانت الثورات متكررة كما كانت محاولات انشاء الامارات و الاستقلال بها عن العثمانيين مستمرة و من ذلك ثورة الشيخ عبيد الله النهري وهو من شيوخ الطريقة النقشبندية، بدأت سنة 1297 هـ –1880م و انتهت سنة 1300هـ – 1883م وحركة عز الدين شير البوتانى التي انتهت سنة 1281هـ - 1864 م، ومن الامارات الكردية امارة بوتان (الجزيرة) التى اعلن استقلالها أمير محنك هو بدرخان باشا و انهارت سنة 1848 حيث بسبب من عصيان النساطرة و اضطراره لاعادتهم لطاعته تكالبت عليه اوربا وتدخلت لدى العثمانيين ضده.
كما شهدت منطقة رواندوز امارة سوران القوية التي اشتهرت ايام اميرها محمد الملقب بالأعور وكان اميراً حازما وطبق الشريعة الاسلامية ايام حكمه، تأسست تلك الامارة عام 1225هـ –1810م وسقطت بأيدى العثمانيين بعد اربعة عقود من الزمان ومن الامارات المشهورة الامارة االبابانية التي تأسست به القرن السادس عشر الميلادى و استمرت في التوسع حتى اصبحت تحكم ما يقابل اليوم محافظة السليمانية وعمرت حتى نهايات القرت التاسع عشر الميلادى فكانت اخر الامارات سقوطاً.
كردستان في القرن العشرين الميلادي
وفي القرن العشرين الميلادى وبعد إلغاء الخلافة الاسلامية عام 1924 قامت ثورة الشيخ سعيد بيران Peeran ضد السلطات الكمالية و كانت هدفها إعادة الخلافة الاسلامية وان كان الهدف القومي المتمثل في الخلاص من الظلم و القهر موجوداً أيضا الا ان الثورة اخفقت وتم اعدام الشيخ وعدد من اتباعه هذا وقد اتبع كمال مصطفى سياسة اذابة الاكراد و عدم الاعتراف بوجودهم القومي وتم تسميتهم باكراد الجبال واستمر الحال على هذا المنوال حتى حرب الخليج الثانية 1991 حيث ان استمرار المقاومة السلحة التي بدأت نهاية سبعينيات القرن العشرين الظروف الدولية الجديدة اجبرت السلطات التركية على الاعتراف بوجود الاكراد ورفع الحضر عن استخدام اللغة الكردية في التخاطب في الأماكن العامة…الخ لكن قرارات العلمانية الكمالية هذه محاطة بالألوف من القيود والمحظورات.
وفي كردستان العرق اعلن الشيخ محمود بعد الحرب العالمية الأولى حكومته المستقلة فوقع القتال بينه وبين الإنكليز مرتين وزالت حكومته من الوجود.
وقد اشارت معاهدة سيفر الدولية سنة 1920م الى اعطاء الحكم الذاتي في قسم من كردستان يمكن اان يتطور بعد العديد من القيود والتشديدات الى استقلال فيما نصت المعاهدة على انشاء دولة ارمنية مستقلة كبيرة ضمت اليها اجزاء كبيرة من كردستان الا ان تركيا افشلت المعاهدة وحلت معاهدة لوزان بدلها و التى قضت على اية بارقة امل لدى الكرد.
استمرت الثورات في كردستان العراق ، بدأت اولا مع ثورات البارزانيين في الأربعينيات من القرن واستمرت لغاية حرب الخليج الثانية حيث خضع القسم الأكبر من كردستان العراق الى إدارة محلية سنة 1991 تحولت الى حكومة فيدرالية الا ان القتال نشب بين الحزبين المتنافسين سنة 1994و ماتزال ذيول القتال مستمرة.
اما كردستان ايران فقد شهدت سنة 1922 حركة اسماعيل آغا (سمكو) من قبيلة (شكاك) فشلت كسابقاتها رغم براعة قائدها، هذا وقد قامت سنة 1946 جمهورية في اقسام من كردستان ايران عرفت بجمهورية كردستان وجمهورية مهاباد بقيادة القاضي محمد لم تعمر سوى سنة واحدة. وبعد الاطاحة بنظام الشاه سنة 1978 حصلت مصادمات بين ألأحزاب الكردية و السلطات الايرانية اسفرت عن بسط السيطرة الكاملة للأخيرة على كردستان وهكذا فان تأريخ كردستان ملئ بالحروب، حروب الدول المتصارعة حيث كردستان هى الضحية الرئيسية فيها وصراع الاكراد ضد الحكومات وصراع الاكراد ضد الاكراد.
اللغة الكردية
اللغة الكردية تندرج داخل عائلة اللغات الهندو- اوربية لذا فهي تمت بصلة القرابة الى الفروع الشرقية للغات الهندو- اوربية مثل الفارسية والهندية.. والى الفروع الغربية من العائلة كاللغات الانكليزية والفرنسية والالمانية...
وككل اللغات الهندو - اوربية فقد سبقت تلك العائلة لغات اخرى. فقد كانت تعيش في كردستان شعوب اخرى الى ان حصلت هجرة الشعوب الهندو - اوربية مطلع الالف الثانية قبل الميلاد. ومن الشعوب السابقة للشعوب الهندو- اوربية كان هناك الكوتيون Guti واللوللو Lullu والحوريون والكاشيون .. وغيرهم. وحسب ما يراه الباحثون فان لغات تلك الشعوب لم تكن تمت بصلة الى اية من العائلات اللغوية المعروفة فهي لم تكن لغات سامية ولا هندو- اوربية و لا لغات مجموعة الاورال - تاي ( التي تنتمي اللغات الصينية والتركية.. الخ لها). هذه العائلة المجهولة سميت من قبل الاثاريين باللغات القفقاسية نظرا لبعض التشابه في المميزات بينها وبين لغات بعض شعوب القفقاس كما سموها كذلك باللغات الاسيانية.
ان تاثير اللغات الهندو- اوربية على كردستان كان طاغيا لذلك فقد كان التحول جذريا غير انه من الممكن ان تكون هناك بقايا لتلك اللغات الاقدم في اللغة الكردية الحالية متمثلة في بعض المفردات وبعض التراكيب اللغوية.
واللغة الكردية الحالية لغة متعددة اللهجات. وهي تتكون اساسا من لهجتين كبيرتين: الكرمانجية الشمالية والجنوبية. ويتكلم الكرد في تركيا وسوريا وقسم من الكرد في كل من ايران والعراق باللهجة الشمالية في حين يتكلم معظم الكرد في العراق وايران اللهجة الجنوبية.
اصل الكرد
يكتنف الغموض اصل الكرد. فبالنظر لقلة الوثائق التاريخية فيما يخص العصور القديمة يصبح التخمين في هذا الموضوع امرا لامفر منه. وبالعودة الى الشعوب التي كانت تعيش على ارض كردستان يتضح ان الكرد الحاليين هم مزيج من مجموعتين عرقيتين من البشر؛ الاولى، وهي الاقدم، هي تلك الشعوب التي وجدت منذ اقدم العصور التاريخية (اي التي عرفت الكتابة) واستمرت في الوجود على الارجح لغاية النصف االثاني للالف الاول قبل الميلاد والمجوعة الثانية هي الشعوب الهندو- اوربية كالميديين والميتانيين والتي هاجرت مطلع الالف الثانية قبل الميلاد واستطاعت، خصوصا الميديون في شرق كردستان, ان تنشرنفوذها بين السكان الاقدم وربما استطاعت اذابتهم لتتشكل من ثم تركيبة سكانية جديدة سوف تعرف فيما بعد بالكرد. ان هناك ما يمكن ان يسمى بالثغرة التاريخية فيما بين الهيمنة الميدية وبين ظهور الكرد كما ان اصل التسمية يبقى غامضا. فيرى البعض ان التسمية تعود الى الشعب القديم المسمي بالكوتيين Guti او Gutu والذين ترجع اقدم الاشارات اليهم الى النصف الثاني من الالف الثالثة قبل الميلاد . كما ان المؤرخ والقائد اليوناني اكسينوفون في كتابه المسمى بالاناباسيس ( الصعود) يذكر الكاردوخيون في احدى مراحل مسيره من بلاد بابل رجوعا الى بلاد اليونان وذلك في القرن الخامس قبل الميلاد. كما ان هناك بعض التسميات الاخرى التي تقترب من تسميةالكرد والذي نراه انه رغم ان التحولات التي طرأت على تشكل الكرد كانت في نهاية اكتمالها انذاك الا ان التسمية (الكرد) كانت حصرا على سكان منطقة واحدة نرى انها كانت تقع فى القسم الشمالي من كردستان او كانت تسمية خاصة بقبيلة واحدة كبيرة ثم اصبحت التسمية فيما بعد علما على باقي الكرد.
المجتمع الكردي
1- الدين في المجتمع الكردي: للدين اثر كبير في المجتمع الكردي وان اختلط بالخرافات والبدع او تحول عند البعض الى رسوم وشكليات. وكمثال على ذلك ان مجالس العزاء وقرآءة القران تقام حتى لمن كان معروفا بكفره وذلك لانهم يتحرجون من عدم اقامة تلك المجالس التي في عدم اقامتها اشارة خطيرة لايجرؤ احد على المبادرة بها.
2- والعادات الكردية تكاد تكون متشابهة رغم وجود اختلافات من مكان لاخر فمثلا يكلف الزواج في القسم الشمالي من كردستان العراق مبالغ طائلة ويتحول احيانا الى ما يشبه البيع والشراء في حين ان الحال يتحسن في النصف الجنوبي. وفي النصف الجنوبي تكون مجالس العزاء اقل ارهاقا من الشمال. والحشمة في النصف الشمالي اكبر في حين ينتشر التبرج في السليمانية اكثر من غيرها من المدن.
3- والعلاقات الاجتماعية قوية حتى في المدن الكبرى . ويكون الانتماء القبلي في المدن الكبرى ضعيفا او مفقودا.
4- والانتماء في كردستان يكون للقبيلة والمكان. ورغم وجود القبائل وقوة الالتزامات القبلية الا ان الالتزامات والولائات الناجمة عن التساكن في المكان هي اقوى مما عليه عند بعض الشعوب كالعرب. ولذلك ترى الالقاب يغلب عليها اسماء الاماكن.
5- والمجتمع الكردي مكون من حضر (من مدنيين وريفيين) مع شبه رحل. والاخيرون يسكنون في بيوت من الشعر ويتنقلون بين الاماكن الباردة والدافئة في الصيف والشتاء. وقد اخذت اعداد شبه الرحل في التناقص بسبب الاوضاع السياسية .
6- والكردي مضياف وفي البعض المدن مثل حلبجة وغيرها لاتوجد فنادق لاستقبال الغرباء لان الاهالي يذهبون بهم الى بيوتهم.
7- وعدم وجود البغاء في جميع ارجاء كردستان من الامور التى لاحظها جميع الرحالة الاجانب فالكردي ذو حمية و لايقبل بوجود المواخير في ارضه.
8- والرحالة يصفون الكردي بانه ليس صاحب نكتة وانه ياخذ الامور ماخذ الجد.
اديان ومذاهب في كردستان
الدين الاسلامي هو دين الاغلبية الساحقة في كردستان. والكرد في غالبيتهم العظمى سنيون شوافع. ويوجد بين الكرد القليل من الشيعة يتركزون في جنوب كردستان. والنصرانية معدومة بين الكرد. فالنصارى في كردستان هم من السريان الذين كانوا منذ القرن التاسع عشر يسمون بالاثوريين والان يسمون انفسهم اشوريين وهم يعيشون في النصف الشمالي من كردستان العراق و كذلك الكلدان وهم اقل من الاثوريين ويعيشون في مدينة السليمانية.
ويوجد بين الكرد اتباع لمذاهب انسلخت من الاسلام وتحمل عقائدا غريبة لايفصحون عنها في الغالب كالطائفة المسماة الكاكائية و طائفة اهل الحق او العلي الهية واغلبهم يعيشون في الجزء الجنوبي من كردستان العراق وايران. كما يوجد بين الكرد الطائفة اليزيدية وهم من عبدة الشيطان ويتركزون في الجزء الشمالي من كردستان العراق. و قد كانت هناك في كردستان اعداد من اليهود الذين تم سبيهم من فلسطين على ايام الاشوريين ورحلتهم الحكومة العراقية الملكية الى فلسطين .
و يعيش غير المسلمين بين ظهراني الكرد المسلمين بامان رغم تمسك الكردي الشديد بدينه. ومن ادلة تمسك الكردي بدينه عدم وجود النصارى واليهود بين االكرد كما ان عشرات المنظمات الاجنبية التي توافدت على كردستان منذ انتفاضة 1992 ولحد الان لم تنجح في تنصير اي من المسلمين ورغم عدم توفر احصاءات فانه يظن ان عدد من تم تنصيرهم لايصل الى عدد اصابع اليد العشر هذا على الرغم من انه لايتم مساءلة تلك المنظمات من قبل السلطات ولها الحرية الكاملة في العمل والتنقل والتحدث الى الناس.
ان فشل المنظمات التنصيرية ليس بالامر الجديد فمنذ ايام الارساليات التنصيرية في القرن التاسع عشر الميلادي وايام ضعف الدولة العثمانية كان مآل جهود المنصرين الى الفشل الذريع فكان المنصرون يزرعون البحر ويحصدون الخيبة. ان فشل جهود المنصرين اضافة الى الحوادث التي جرت بين الكرد والارمن النصارى في تلك الايام دفع بالمستشرقين والرحالة الغربيين الى وصم الكرد بالتعصب الديني. فوصمة التعصب ترى كثيرا في كتابات اولئك ولربما يتعجب منصرو اليوم من حقيقة انهم يمنون بنفس الفشل بعد مرور اكثر من قرن.
وكما اسلفنا فان غير المسلم كان وما يزال يعيش بامان وسط الكرد اما ما جرى بين الكرد والارمن فهو قد جاء في تقارير وكتابات قناصل وجواسيس الدول الغربية وهناك شك كبير في صحة التفاصيل التي اوردوها وقد صرح بذلك المؤرخ برنارد لويس. ويقول المؤرخ الكردي الدكتور كمال مظهر ان الارمن يتحملون قسطا من المسؤولية لانهم حاولوا بناء ارمينية الكبرى. ولو تحقق لهم ذلك لضاعت اراض كبيرة من كردستان والحقت بتلك الدولة.
تاريخ الصحوة في كردستان
وصلت دعوة الاخوان الى كردستان العراق في خمسينات القرن العشرين الميلادي واستمرت في الانتشار ولكن ببطء. وبعد ثلاثة عقود اصبحت مدينة حلبجة مركز الصحوة في كردستان العراق. و بعد انتفاضة حلبجة سنة 1987 التي جاءت ردا على هدم النظام العراقي للقرى الكردية نشات الحركة الاسلامية من قسم من الاخوان و ذلك بعد ان هاجر الشيخ عثمان بن عبد العزيز الى ايران مع جمع من المسلمين. وقد سلمت رابطة علماء الدين التي كانت قد سبقت الحركة في النشوء القيادة الى الشيخ عثمان وانشات الحركة من ثم كحركة جهادية.
قبل هذا وفي السبعينات كان الاخوان قد اوقفوا نشاطهم عدا قسم منهم تحول سنة 1992 الى حركة النهضة الاسلامية. وبعد محاولات عدة توحدت كلتا الحركتين؛ الحركة الاسلامية وحركة النهضة (اب/اغسطس 199) لتشكلا حركة الوحدة الاسلامية. وحسب اتفاق الوحدة عقد مؤتمر الحركة عام 2000 فتازم الوضع اكثر من ذي قبلو بات الاصلاح مستحيلا فتاسست الجماعة الاسلامية في كردستان/ العراق. ثم تاسست حركة بالاسم القديم اي الحركة الاسلامية في كردستان/ العراق فيما اعلن قسم اخر عن جماعة جند الاسلام التي تحولت فيما بعد الى انصار الاسلام في كردستان/ العراق.
اما فيما يخص البقية الاخرى من الاخوان وكانوا اوفر عددا مما مان يسمى بالخط الثاني للاخوان فقد انشاؤا مطلع سنة 1994 الاتحاد الاسلامي الكردستاني كجماعة سياسية دعوية غير جهادية.
اضافة الى التيارات الرئيسية كانت هناك بعض التجمعات الصغيرة اضافة الى القليل من المستقلين. وقد كان لبعض الكتاب والخطباء اثر في الشباب.
وتعتبر الحركة الاسلامية في كردستان من الحركات الاكثر ثراءا في تجربة العمل الاسلامي فمن ناحية هناك العمل السياسي و الدعوة وهناك المشاركة في الانتخابات (ومن هذه الناحية يعرف الاسلاميون في كردستان ماللانتخابات و ماعليها بعكس من لم يخبر ذلك الا سماعا). وكردستان كانت المنطقة الوحيدة (باستثناء لبنان) في العالم الاسلامي التي توجد فيها حركات جهادية مسلحة علنية و تقع اراض تحت سيطرتها (وقد زال هذا الوضع الان ولكن بقت التجربة الغنية التي استمرت لعشر سنين)، و كردستان من البلدان القليلة التي تمتلك فيها الاحزاب الاسلامية جرائد و محطات اذاعة وتلفاز، كما توجد في كردستان منظمات خيرية اسلامية وان قل عددها ونشاطها بعد الاحداث الاخيرة. و باختصار تملك كردستان تجربة غنية في ميادين العمل الدعوي و السياسي و الجهادي والاعلامي غير ان ضعف الامكانات المادية و نقص الكوادر يقفان حجرة عثرة في طريق زيادة نفوذها في الساحة، و كمثال على ذلك نرى العلمانيون يملؤن المكتبات بترهات حول الاسلام و الاسلاميين والصحوة الاسلامية في حين ان فورة النشر الاسلامي كانت في تسعيينات القرن العشرين الميلادي و كانت اكثر المنشورات كتيبات و رسائل و لم يبدي المحسنين في العالم اهتماما بدعم الكتاب الاسلامي. ونفس الامر ينطبق على عالم الانترنيت حيث يعاني الاسلاميون من ضعف شديد في هذا المجال.
وفي كردستان تركيا كان للشيخ سعيد النورسي الكردي مؤسس جماعة النور دور كبير بين الاتراك والاكراد وغيرهم في مقاومة الاتجاه العلماني المتطرف الكمالي. وقد كان بطش الكماليين بالاتجاه الاسلامي سببا في ضعف هذا التيار. هذا وقد نشأت في الاونة الاخيرة احزاب اسلامية منها الحزب الاسلامي الكردستاني وحزب الله و الاخير تنظيم مسلح المعلومات عنه غامضة ومتضاربة.
وفي ايران كان لمدارس القران التي كان احمد مفتي زادة زعيمها الروحي الدور الكبير في تاصيل الاتجاه الاسلامي بين اكراد ايران. وما تزال مدارس القرآن التيار الاسلامي الاكبر هناك. ومن الامور الطريفة هناك ان التمسك بالانتماء الى السنة و الانتماء الى القومية الكردية يقترنان بقوة في كردستان ايران فترى الشخص لايصلي و يؤيد حزبا علمانيا و تراه من الناحية الاخرى يركز في انتقاده للسلطة على المذهب الذي تفرضه.
ان الظلم القومي الذي لحق بالكرد جعلهم يركزون على المشكلة القومية ومن هنا نعلم مدى سذاجة بعض الكتاب والدعاة الاسلاميين في العالم العربي عندما يطلقون الاحكام العمومية على الكرد و يريدون من الضحية ان تصافح الجلاد باسم الاسلام و ذلك مع انظمة لاتحفل بالاسلام كثيرا بل و تراه خطرا على سلطتها وان لم يفعل الكرد ذلك فهم يتامرون على الامة. والمفارقة انك ترى اولئك السذج يرفضون ان يصافحوا الانظمة التي تحكمهم مع انها لاتظلمهم باسم القومية و قد تراعي الكثير من اصول الاسلام.
ان الصحوة الاسلامية ليست واجب الكرد فقط بل هي من مهام المسلمين الاخرين ايضا وخاصة العرب وبالاخص فيما يتعلق بكردستان العراق فالانظمة التي ظلمت الكرد باسم القومية العربية واستعملت الاسماء الاسلامية مثل سعد والقعقاع و الانفال.. جعلت قطاعا من الكرد ينفرون من العرب و الاسلام وان ظل هذا الشعور محصورا في غلاة القوميين ، اولئك الذين كان تفكيرهم رد فعل على المظالم. ولكن ان استمر التجاهل العربي لما يحصل للكرد وان استمر السذاج باطلاق التصريحات النابعة من جهل بالواقع و من التعميمات فسوف ينذر هذا بازديد النفور وانتشاره حتى بين قسم من الاسلاميين.
احزاب وتيارات اسلامية في كردستان
تضم كردستان العراق حاليا ثلاث تيارات اسلامية رئيسية: اولها تيار جهادي يتمثل اكبر تجمعاته في الجماعة الاسلامية تليها الحركة الاسلامية ثم جماعة انصار الاسلام والثلاث كانت منضوية تحت حركة الوحدة الاسلامية والتي كانت قد نشأت من اتحاد الحركة الاسلامية وحركة النهضة. اما التيار الثاني فهو تيار الاخوان ممثلا في الاتحاد الاسلامي الكردستاني وهو حزب غير جهادي يتخذ من الدعوة والعمل السياسي وسيلة للانتشار. هذا في حين يمثل السلفيون التيار الثالث وهو تيار يتراوح بين مجموعة صغيرة تمالئ العلمانيين وتسكت عنهم فيما تنتقد الاسلاميين ومجموعة لاتفعل ذلك ولكنها تعتبر العمل التنظيمي الاسلامي بدعة.
وهذه التسميات لاتعكس حقيقة الواقع فالجماعة الاسلامية مثلا جماعة جهادية الا انها ايضا جماعة سلفية وهي تمارس العمل السياسي وتعمل حاليا على استئناف العمل الدعوي الذي اصابته حركة الوحدة بالشلل التام.
اضافة الى ماذكرناه من جماعات فهناك تجمعات اصغر تاثيرها محدود للغاية. ان الجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي هما اليوم اكبر جماعتين في كردستان العراق. اما في كردستان ايران فمدارس القران هي اكبر تجمع اسلامي بين صفوف الكرد رغم انها لاتمارس العمل السياسي. ويعتبر حزب الله الاسم البارز بين الاسماء الاسلامية في كردستان تركيا وهو يمارس العمل المسلح الا ان المعلومات عنه مبهمة ومتضاربة.
احزاب وتيارات علمانية في كردستان
كما في كل البلدان يوجد في كردستان تياران علمانيان: تيار متطرف استئصالي وتيار معتدل. و من بين المذاهب العلمانية هناك القوميون واليساريون.
1- القوميون: اكبر حزبين في كردستان هما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تاسس سنة 1946 ميلادية الذي يتزعمه مسعود البرزاني ابن الملا مصطفى البرزاني. وتغلب النزعة القومية على الحزب ويخلو من الميول اليسارية. ويعتمد الحزب الى حد كبير على العشيرة البرزانية. وهو يسيطر حاليا على النصف الشمالي من كردستان العراق . وللحزب علاقات جيدة مع تركيا والحكومة العراقية والولايات المتحدة والدول الغربية. الا ان علاقاته مع ايران ليست من الصنف الاول.
والحزب الاخر هو الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني وقد كان سابقا اتحادا بين ثلاث كتل كان احدها ماركسيا لينينيا. ورغم وجود بقايا يسارية في الحزب الا انه يتجه اكثر فاكثر نحو الاتجاه القومي الصرف وتتحدث ادبيات الحزب الان عما يمكن تسميته اتجاها راسماليا. والحزب يسيطر على النصف الجنوبي من كردستان العراق. وللحزب علاقات ممتازة مع ايران بحكم الموقع الجغرافي حيث ان كل من كان يملك ما يسمى الان بمحافظة السليمانية كان معرضا بحكم الجوار للنفوذ الايراني. ولاترقى علاقاته مع الحكومة العراقية والتركية الى مستوى علاقات الديقراطي بهما. اما علاقاته مع الولايات المتحدة فهي وان كانت جيدة الا انها اقل بقليل من علاقات منافسه معها.
وهناك عدد كبير من الاحزاب القومية الا ان الفارق بين وزنها ووزن الحزبيين الرئيسيين من الضخامة بمكان.
2- اليساريون: يعتبر الحزب الشيوعي العراقي اقدم الاحزاب العراقية وله مقرات في كردستان وقد كان الكرد الشيوعيون يعملون بداخله وكان من بينهم من هو في صفوف القيادة لكن يبدو ان الحزب ارتأى انه من الافضل مراعاة الخصوصية الكردية فتشكل من ثم الحزب الشيوعي الكردستاني. وكلا الحزبين لهما وجود ضئيل وهامشى وقد كان الحزب الشيوعي دوما ضعيف التاثير في كردستان بسبب من الخلفية الالحادية للحزب وبسبب من عدم تبنيه لطروحات قومية كما ان نفوذ وشعبية الملا مصطفى كانا كبيرين للغاية. وهناك تيار يساري متطرف مراهق يتبنى طروحات طفولية بعيدة عن الواقع ومن ثم ليس له شعبية على اي مستوى حتى بين باقى اليساريين. وقد كان هناك في ثمانينات القرن العشرين خصوصا توجه اشتراكي غير ماركسي وذلك مسايرة لموضة العصر الاشتراكية الا انه ما لبث ان تلاشى خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفييتى. والحال ان اليسارية لم تكن لها في السابق من شعبية رغم انها استطاعت كسب قطاع من المثقفين اما الان فهي تعاني من تقهقر كبير بل واصبحت من مخلفات الماضي.
وفيما يخص باقي اجزاء كردستان فان التيار القومي الرئيسي في كردستان ايران هو تيار قومي صرف يمثله الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني في حين ان التيار الشيوعي لايحظى بذات الشعبية وكلا التياران معارض لنظام الحكم الايراني. اما في كردستان تركيا فيحظى حزب العمال الكردستاني بشعبية واسعة وهو حزب ماركسي قومي الا انه وبخلاف الاحزاب اليسارية والقومية الاخرى لايجاهر بعدائه للاسلام ويعود السبب في نظرنا الى وعي الحزب بان الكرد لايحبذون الالحاد ومن ناحية اخرى فان الاسلام والاسلاميين مقموعون من قبل النظام العلماني المتطرف لذلك نشأ تعاطف بين القضية الاسلامية والقضية الكردية. كما ان حزب نجم الدين اربكان (السلامة ثم الرفاه ثم الفضيلة ...الخ) كانت له مواقف محمودة بجانب الكرد وكان هو الوحيد من الاحزاب التركية الذي يصوت كل مرة لرفع احكام الطوارئ في كردستان في حين ان باقي الاحزاب التركية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار كانت تعمل ضد القضية الكردية.
اما الكرد في سوريا فيمتلكون عددا من الاحزاب الا انها كحال باقي الاحزاب احزاب هامشية. كما ان هناك تواجد حزبي في لبنان اثره ضئيل بسبب ضعف التواجد الكردي في ذلك البلد.
و فيما يخص العلمانيين المستقلين فان اكثرهم من الكتاب وهم يتراوحون بين العلماني المتطرف وبين العلماني المعتدل. وفيهم من يكاد يضيع هويته امام الغرب وفيهم من يعيش في الغرب وينقده كما ينقده الاسلاميين.
30-05-2016 www.zagros.org/arabic-news-2016-05-30-124059 11956 مشاهدة |
![]() |
|