| |||||
| |||||
عامان على حرب غزة.. انهيار حلم اسرائيل الكبرى فاضل قره داغي كانت اسرائيل تعول على حالة الضعف العربي والاسلامي في بناء وتوسيع دولتها ليطال التوسع الاحلام بعيدة المدى ومنها حلم اسرائيل الكبرى الممتدة من النيل الى الفرات، لكن الحلم الصهيوني اصطدم بواقع لم يحسب له احد اي حساب وهو قوة الدفع المرتكزة اولا وقبل كل شئ على العقيدة الاسلامية، كما لم يؤخذ في الاعتبار الفضاء السكاني والجغرافي الاسلامي، فلا من ناحية العقيدة والافكار ولا من ناحية الامتداد البشري والجغرافي لايمكن التعامل مع المسلمين مثل تعامل الاوروبيين في العالم الجديد مع سكانه الاصليين والذين لم يعطى لهم حتى حق حمل الاسم فسموا بالهنود الحمر.
وبمناسبة لفظة الهنود يجدر بنا الاشارة الى فشل الحلم الاستعماري الفرنسي في الجزائر، فالجزائر لم تكن مثل بلدان اخرى تقبل، قليلا او كثيرا، بالاستعمار، وهذا ما دفع احد رجال الاستعمار الفرنسي لحسد الانكليز على اخضاعهم للهند بملايينها العديدة بخمسين الف جندي. والامر لايحتاج الى توضيح الا من باب الاستطراد في الكلام، فالهنود، عدا عن مسلميهم، لم يكن في عقيدتهم ما يدفعهم للقتال والتضحية بالروح، وقد انتهى الاستعمار في الهند على اية حال وكان السبب هو الفضاء السكاني والجغرافي الذي اشرت اليه، فليس من السهل ابتلاع شبه قارة الى الابد.
وقبل فرنسا الجزائر كانت فرنسا العصور الوسطى ومثيلاتها الاوربية تبني احلامها في فلسطين فبددت الجغرافية والسكان والجهاد تلك الاحلام وجعلتها تاريخا للعار الاخلاقي والهزيمة العسكرية والحضارية.
وفي قلب العالم الاسلامي ومع الهزائم المتوالية للدول العربية كان حلم اسرائيل الكبرى يكبر، بيد ان الامر اختلف مع انطلاق الثورة الفلسطينية واثبت شعب بدون دولة او جيش انه اقوى من الدول والجيوش حتى ولو كان يعتمد على تلك الدول في المال والسياسة والتسلح، وكان يفترض باسرائيل ان تتعلم الدرس الفرنسي في الجزائر لكنها لم تتعلمه ولم تتعض به وبقت على احلامها لتجابه فيما بعد بما هو اشد وامر الا وهو احياء مفهوم الجهاد وممارسته على الارض، فكان الخطا اكبر اذ لم تلتفت الى الدرس الابعد تاريخيا، الاقرب جغرافيا وهو الدرس الصليبي في فلسطين.
لقد عاشت اسرائيل منذ نشوئها حالة حرب الا ان الحرب الاخيرة في غزة، ومن قبلها الحرب الطويلة في جنوب لبنان والتي اجبرتها على الهزيمة واخلاء الارض لاول مرة، اسقطت والى الابد ذلك الحلم اللذيذ الذي كان يرى الراية-الحلم ترفرف، النجمة السداسية تتوسط الخطين الازرقين الذين ينسابان بجلال نحو البحر.. هذا نيلكم وهذا فراتكم.
الامتداد الجليل للخارطة يلهم ولكنه يخدر، اما خريطة اسرئيل الصغرى التي يظهر بجنبها حجم قطاع غزة فهو واقع مزعج، فهل كان الاباء المؤسسون، من هرتزل ونزولا الى من بعده، يتوقعون ان يعجز ابناءهم امام ذلك الشريط الضيق ويسجلوا خيبة اعتادوا ان يلحقوها بالعرب؟ لقد اتى الجيش الاسرائيلي بما استطاع ان ياتي به من الرجال والسلاح ودمر ما استطاع وتوغل في اماكن من القطاع ثم وقف عاجزا، ثم اذا به ينسحب ليعود الوضع الى ما كان، فاي عجز اشد من هذا العجز؟
والان اذا كان هذا هو الحال مع الشريط الضيق المحاصر فكيف يكون الحال مع الارض الممتدة بين النهرين؟ قد يستمر بعضهم في الحلم قائلين: ((حسنا ان امر الدول العربية هين، فهي ليست كالمقاومة في غزة، فهي تحب الحياة وتكره الموت الا اذا كان الموت في سبيل العرش، وفي هذا ايضا نظر))، غير ان في هذا القول خداع جديد للنفس، فيوم ياتي دور تحقيق حلم اسرئيل الباسطة جناحيها من النهر الى النهر سيكون عدد من يتبنى الحل الجهادي، في ظل الخيبات المتلاحقة، اكثر من عددهم الان، ولن يواجه جيش اسرائيل جيوشا نظامية وحسب ولكنه سيواجه ماهو اشد باسا منها وهم المتطوعون الذين رايناهم في بقاع كثيرة من العالم الاسلامي والذين سيجعلون تقدم ذلك الجيش عذابا متواصلا ونجاحه مهزوزا وبقاءه وقتيا.
ولكن اذا اصرت فئات في اسرئيل على حلمها فما هي الخيارات المعقولة لتجنب فضيحة كتلك التي لحقتهم في غزة؟ الخيار الوحيد، الى ان ياتي البديل، هو استعمال الاسلحة الذرية لتطهير الارض وهزم العزائم. وقد يضحك البعض في العالم العربي، ممن يفضلون السلم مع اسرائيل، من تخيل خيار كهذا ولكن غزة اثبتت انه من التهور بمكان الضحك في مواضيع كهذه، فاستعمال الاسلحة المحرمة دوليا وتجربة مالم يجرب من السلاح وقصف مدارس ومقار تعود للامم المتحدة والاستخفاف بالاحتجاجات الشعبية العالمية، وكل ذلك تحت سمع وبصر العالم، يولد قناعة كبيرة بان اسرائيل لن تتورع عن فعل ماهو افظع، خصوصا مع العمى والطرش الاوربي والاميركي الرسميين المستحكمين.
اما متى يتم ذلك او لنقل باية ذريعة يتم فباعتقادي يكون بعد ضربة موجعة تمنى بها مدينة او مدن اسرائيلية فترد هذه بما هو اعنف واعتى، وقد حصل هذا على مدار التاريخ؛ يقوم الطرف الاضعف بتوجيه ضربة للطرف الاقوى لايقبل ذلك الطرف بخسائرها ولا بالاهانة المترتبة عليها فيرد بنار تحرق الاخضر والاصفر، واخر الامثلة، وان لم يكن اعنفها، ما فعلته اميركا بعد الهجمات العنيفة في ايلول/ سبتمبر 2001.
وايا كان التوقيت او السبب فالامر واحد، وكما ان غزة بعد كل ما اصابها من دمار بخرت حلم اسرائيل الكبرى، لن ينفع اي دمار يلحقه اي سلاح في تحقيق ذلك الحلم. في غزة كان العمقان السكاني (مليون ونصف باطفالها ونساءها وشيوخها) والجغرافي (انظر الى الخارطة لتعرف) هزيلين، والحدود مغلقة ومحاصرة لكن العقيدة والاصرار انتصرا، فكيف بمئات الملايين واراض شاسعة وحدود لاتحد وناس على احر من الجمر لممارسة الجهاد، وفيهم بجانب المسلمين الواعين من امثال فصائل المقاومة الفلسطينية واشباهها من الجماعات الجهادية في العالم الاسلامي زمرالمجاهدين المجانين التي نراها ايامنا هذه؟ لندع ذلك للمستقبل فله فيه من يكتب عنه اما الان وحتى كتابة هذه السطور فغزة هي المنتصرة، واكبر انتصار لها هو الاجهاز على الحلم الصهيوني الساذج، حلم اسرئيل الكبرى الذي عليه ان يحجز مكان له في موسوعة الاساطير.
كردستان – العراق
نشر المقال في التصميم القديم لموقع زاكروس 1-3-2011:
zagros.org/content/arabic/arabic-2011-01-03-018.html
+++++++++++++++++++++
ملاحظة: ارسلت المقالة الى صحيفة القدس العربي اللندنية التي يرأس تحريرها (عبدالباري عطوان) وقد نشرت المقالة بتاريخ 19-12-2010 لكن سرعان ما ازيلت من الموقع بدليل ان محرك (غوغل) اعطى رابط المقالة كالاتي:
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C19b88.htm&arc=data%5C2010%5C12%5C12-19%5C19b88.htm
وعند فتح الرابط يظهر بياض في الصفحة ونموذج التعليق على المقالة، وبالطبع ازيلت المقالة قبل ذلك من النسخة الورقية. وقد اعاد موقع المركز الفلسطيني للاعلام نشر المقال في 20-12 اي قبل ان تزال من الموقع بقليل:
http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2bcOd87MDI46m9rUxJEpMO%2bi1s7BwkKxFVFkwewk6AUGF8aDdogdtM3Cu1utFWu8Bw2clFgZiniqRUbU8L%2bGFKWO2vo7v0xP6uH%2fyz8aCS3GIYHhRX2MFeSPFbQfjgBFbycMFI%3d
ثم نشرها موقع فرع الشرقية لاخوان مصر (لكن مع الاشارة الى كلمة "صحف") ثم بعد ذلك موقع فرع كفر الشيخ للاخوان ثم منتدى يمني (واشار الى صحيفة القدس) ويبدو ان الاصل كان الموقع الاول الذي اخذ منه الباقون وذكر ذلك الموقع عنوان المؤلف بصيغة "كاتب عراقي" ثم اشار الى صحيفة القدس العربي اللندنية. ان اول الاعاجيب هو حذف صحيفة القدس ما كتبته تعريفا لي اي (كردستان-العراق) ثم ازالتها المقالة. والصحيفة التي يكتب فيها بعثيو العراق مايشاؤن ضد الكرد لم تستح من ازالة اسم كردستان من مقالة كاتب كردي كأن الكردي ليس له الحق ان يعبر عن رايه حتى لو كان دفاعا عن فلسطين وغزة الا ان يتبرأ من اصله، وبلغ بها قلة الحياء وشدة السفاهة ان تزيل المقالة بعد ان كانت قد نشرتها، هذا وقد اعطت الصحيفة اذنا صماء لاستفساري الذي ارسلته لها ثلاث مرات فجمعت عمى على صمم. وكلمتي الاخيرة في هذه المقدمة: لماذا يتعجب العرب ان ظهر في الامم الاسلامية الاخرى من يدعو الى ترك قضايا العرب للعرب ومد يد الصداقة لاسرائيل؟ اليس اعدى اعداء العرب هم العرب نفسهم، ليس فقط العميل منهم بل اشخاص من مثل عطوان وبعثييه؟ لقد اصبح الكثير من العرب فنانين في صناعة الاعداء وخصوصا في اوساط الكرد فهم يعطون كل الحق لانفسهم فيما يعتبرون ذلك الحق للكرد بحق العرب جريمة.
02-06-2016 www.zagros.org/arabic-articles-2016-06-02-115328 18351 مشاهدة |